الثلاثاء، 12 مارس 2013

لماذا لا نريد السلفية


 بقلم الإمام: عبد العالي بوعكاز - الجزائر

صدق من قال:" لا يعلو صوت الباطل إلا إذا غفل أهل الحق"
تابعت ما يدعيه المتمسلفة وما ينشر على صفحات "الشروق" هذه الأيام ، وما يدعونه من أنهم أهل سنة وسلفيون وفرقة ناجية ومحمديين وأنهم يمثلون المنهج الحق والإسلام الحقيقي الذي كان عليه النبي الكريم وصحابته رضوان الله عليهم. ولهم أن يقولوا ما شاءوا ويدّعوا ما أرادوا. لكن تبقى الحقيقة هي الحقيقة ، فقد تنطلي أقوالهم هذه على بعض الجهال والعوام فيغتروا بكلامهم ويظنون أنهم سلفية حقا. أما أهل العلم وطلابه فلا تخدعهم هذه التنميقات والخزعبلات لأنهم يعرفونهم حق المعرفة .
لوكنتم سلفيين حقا لاتبعناكم ولكنكم متمسلفة حشوية مجسِّمة تكفييرين تضليلين تبدعيين ألبستم بِدَعَكم ثوب السلف.

فالحقيقة أن هذه الطائفة من أشرِّ الطوائف التي ظهرت على مرِّ التاريخ الإسلامي، فأنتم مجسِّمة شبهتم الله بجسم الإنسان وأنه تعالى له أسنانا وأضراسا ولهوات وشفتين وأصابع ويدين وقدمين وعينين وجنبين...وأنه يضحك ويبكي ويبتسم ويمشي ويهرول ويجلس ويقوم ويصعد وينزل... !! ومن أراد التأكد من صحة ذلك فليعد إلى أي كتاب من كتب عقيدتهم ككتاب :"عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن" لحمود التويجري بتقديم وتقريظ ابن باز، و"كتاب الأربعين في دلائل التوحيد" للهروي ، وكتاب " إبطال التأويلات" للفراء وغيرها من كتب التجسيم فأنا لست بصدد الحديث عن هذا الموضوع ، لكنني اليوم في هذه الأسطر أريد أن أوضح وأبين وأكشف للناس أن هذه الطائفة طائفة تكفيرية تضليلية، وأنها سبب الفُرقة والعداء الذي نشأ بين المسلمين وأنهم كانوا وراء كل الدماء التي سالت بينهم، وأنه حيث ما حلت ما يسمى بالسلفية إلا وحلت الفتن والفُرقة والشحناء والتقاتل والتهاجر والعداء بين المسلمين.
لقد كفّروا غالبية أمة محمد واستحلوا دماءهم وأموالهم وكفّروا وفسّقوا جهابذة علمائهم وعوامهم، وحتى لا يقول أحدهم أنني مدّعي ومتقوِّل فسأنقل لكم عن ثلاثة من زعمائهم ما يفيد أنهم حشوية تكفيريين مكفرين لأمة محمد- وإن كانوا جميعا سواء- لكنني أنقل بعضا من كلام ثلاثة من كبار مراجعهم، أحدهم من المتقدمين وهو البربهاري وثانيهم من أواسطهم وهو ابن عبد الوهاب وآخر من معاصريهم وهو الألباني، ليتأكد الجميع أننا أمام مدرسة تكفيرية من مبتدئها إلى منتهاها.
يقول البربهاري في كتابه "شرح السنة" الذي حشاه بالبدع والكفر والضلال ص 122:(فمن أقرَّ بما في هذا الكتاب وآمن به واتخذه إماماً ولم يشك في حرف منه ولم يجحد حرفا واحدا فهو صاحب سنة وجماعة كامل قد كملت فيه السنة ، ومن جحد حرفا مما في هذا الكتاب أو شك ووقف فهو صاحب هوى )!!! يقول هذا الكلام عن كتابه وليس عن كتاب الله سبحانه !!!. فهل هذه سلفية؟!!.
وقال في الصفحة 109 :( وإنه من استحل شيئا خلاف ما في هذا الكتاب فإنه ليس يدين الله بدين وقد ردّه كله) !!! فأصبح كتاب البدع في مرتبة كتاب الله وبديلا عنه، ومن خالف البربهاري كفر!!! أهذه سلفية ؟!!.
وقال في الصفحة 151 :( واحذر ثم احذر أهل زمانك خاصة، وانظر من تجالس وممن تسمع ومن تصحب فإن الخلق كلهم في ردة إلا من عصمه الله منهم ) !!! أهذه سلفية ؟!!.
ثم قعَّد القاعدة لأتباعه ص 139 فقال :( آكل مع يهودي ونصراني ولا آكل مع مبتدع )!!! فاليهودي والنصراني عندهم أفضل من المؤمن الذي يقنت في صلاة الفجر أو يرفع يديه عند الدعاء أو يغسل رجليه عند الوضوء أو يحتفل بمولد النبي... لأن هذه الأفعال بدع في اعتقادهم.
أما ابن عبد الوهاب فإنه يزعم أن المشركين أحسن حالا من المسلمين، لأن المسلمين اليوم يوحِّدون التوحيد ولا يقسمونه إلى ثلاثة أقسام كما هو معروف في أدبيات هذه الطائفة.
فقال في "قواعده الأربع" ص47 :( إن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة ومشركو زماننا شركهم دائم) !!!. ففي اعتقاد ابن عبد الوهاب وأتباعه أن أبا لهب وأبا جهل وأمية بن خلف وغيرهم أفضل من أكثر من سبعة وتسعين بالمائة من أمة محمد من علماء وعوام لأنهم ليسوا على نهجه ولا يؤمنون بتوحيده. فهل هذه سلفية ؟!!.
ويقول ابن عبد الوهاب كذلك كما جاء في كتاب "تاريخ نجد لابن غنَّام" 02/97:( إن عثمان بن معمر حاكم بلد عيينة مشرك كافر، فلما تحقق المسلمون – يقصد الوهابيون- من ذلك تعاهدوا على قتله بعد انتهائه من صلاة الجمعة وقتلناه وهو في مصلاه بالمسجد في رجب 1163 ه) !!! أهذه سلفية ؟!!.
يقتلون مسلما في المسجد بعد سلامه من صلاة الجمعة ويزعمون أنه كافر ومشرك !!! والجميع يعلم أن ابن عبد الوهاب وأتباعه قتلوا أكثر من ثلاثمائة ألف موحِّد في الحجاز من أجل تثبيت أركان دعوتهم ودولتهم التي عارضها الناس. فهل هذه سلفية ؟!!. بل إنه حاصر مكة وأهلها لسنوات ومنع الحج حتى اضطر أهل مكة لأكل الجيف والكلاب بسبب قساوة الحصار المضروب عليهم، فهل هذه سلفية ؟!!.وذلك ما جعل شقيقه سليمان بن عبد الوهاب يكتب كتابه "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية".
أما الألباني فيقول في "فتاويه" ص227 :(المسلمون اليوم مسلمون إسما وليسوا مسلمين حقا)!!! ولا ننسى أبدا أن الألباني كان من أوائل من أفتوا بالجهاد في الجزائر أيام العشرية الحمراء، وكان لفتواه الأثر الأكبر على أتباعه لحمل السلاح ومقاتلة إخوة الدين في الجزائر، وذلك لما كفَّر حكام الجزائر يومها.
قال في "الفتاوى" ص296 :(والواقع يشهد أن أي جماعة مسلمة تقوم إما بمقاتلة المعتدي كما وقع للأفغان مثلا، أو بالخروج على الحاكم الذي ظهر كفره كما وقع في الجزائر).واسمع الشريط رقم 720 المسجل بتاريخ 26/03/1993م
وفي الشريط رقم 440 قال الألباني مجيبا لأحد السائلين الجزائريين:( ماذا تعتقد النظام الحاكم الآن في دولتكم وفي كل الدول التي نقول إنها دول إسلامية نظرا إلى شعوبها وليس إلى حكامها)!!. فهذا تكفير لكل الحكام المسلمين دون استثناء. وهذا سبب موجة القتل والإرهاب والعنف التي ضربت الكثير من الدول الإسلامية. فهل هذه سلفية ؟!!.
وفي الصفحة 225 من "الفتاوى" يقول الألباني:( وإن كان كثيرون منهم يستحقون الخروج عليهم بسبب أنهم لا يحكمون بما أنزل الله).
ولعلكم الآن فهمتم وعرفتم لماذا استبيحت دماء الجزائريين وأعراضهم وأموالهم، ومن الذي أباحها، ثم يطلع علينا زعماء الحشوية في هذا البلد اليوم ويدَّعون أن الألباني وزعماء السلفية برآء من دماء الجزائريين، وأنهم ليسوا طلاب سلطة ولا دعاة قتل وتشريد ودماء. ولكن تبقى الحقيقة هي الحقيقة. فقد جربوا حمل السلاح والقتل والسلب والنهب والاغتصاب واستعراض العضلات فلما لم تجديهم نفعا وفشلوا في الوصول لحكم الجزائر، وتيقنوا من فشل مشروعهم الدموي التكفيري قالوا: إذن هي سلفية علمية تمنع الخروج على الحكام وتخضع لطاعة ولي الأمر، فانخدع الكثير بكلامهم هذا. ويوم يجدون الفرصة السانحة سيعيدون الكرّة ويقتلون المسلمين مرة أخرى. فالذئب وإن لبس جلد الضأن سيبقى ذئبا ضاريا مفترسا.وفي "الفتاوى" ص 567 ورد الى الألباني السؤال التالي: هل هي صحيحة مقولة : أن ضرر الاخوان المسلمون على الأمة أعظم من ضرر اليهود والنصارى ؟! فأجاب الألباني:( نأخذ بعين الاعتبار قد يكون ضررهم أكثر) !!!. فهل هذه سلفية؟!.اليهود والنصارى أفضل من المسلمين !!!.
أما في "السلسلة الصحيحة" 06/676 فيقول الألباني:(أعداء السنة من المتمذهبة والأشاعرة والمتصوفة وغيرهم) !!!. فالألباني يعتبر أتباع أئمة المذاهب الفقهية الأربعة وأتباع الإمام أبي الحسن الأشعري، والمتصوفة أتباع الإمام الجنيد والفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك وابراهيم بن أدهم وغيرهم أعداءًا للسنة !!. ومعلوم أن عدو السنة هو الكافر الضال وليس المسلم الموحِّد، وهذا تكفير لجمهور أهل السنة لأنهم يتبعون الأئمة الأربعة والمدرسة الأشعرية.
أتدرون من هم المتمذهبة والأشاعرة والمتصوفة الذين يسميهم الألباني أعداء السنة ؟ إنهم مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو الحسن الأشعري والإمام البيهقي وابن حبان والحاكم وابن حجر والنووي والسيوطي والعراقي وابن الجوزي والهيتمي والقرطبي وابن العربي وابن عبد البر والباجي والباقلاني وابن عساكر وابن كثير والقاضي عياض والشاطبي والسبكي والنسفي والسخاوي وابن جماعة والخطيب البغدادي والعز بن عبد السلام وابن بطال وأبو حامد الغزالي والخطابي وابن رشد وابن دقيق العيد وآلاف غيرهم من العلماء أتباع الأئمة الأربعة والمدرسة الأشعرية، ولا ننسى أتباعهم من مئات الملايين من المسلمين العوام، هؤلاء جميعا عند الألباني يعتبرون أعداءًا للسنة. فهل هذه سلفية ؟!!.
إذا كان هؤلاء أعداءًا للسنة فمن هم أهل السنة إذن؟ أهم الألباني وابن باز فقط ؟!!. فعند الألباني وجميع المتمسلفة كل من يخالفهم الرأي فهو مبتدع وضال وقبوري وعدو للسنة وفاسق ومارق...رغم كون المخالف محقا والمتمسلفة هم المخطئون.
فبالله عليكم كيف يكون الذي يقلِّد مالكا أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة مبتدعا وضالا وقبوريا وعدوا للسنة ، ويكون الذي يقلِّد الألباني أو ابن باز أو العثيمين سنياً وسلفياً وفرقة ناجية ؟!!.
فهل يتصور عاقل ويجوز له أن يفكر في ترك تقليد الإمام مالك أو أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد وابن حجر والنووي والسيوطي والقرطبي والقاضي عياض...ثم يقلِّد الألباني وزمرته.
لقد أصبح الحق باطلا والباطل حقا. ولهذا لا نريد السلفية، وللحديث بقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق