الأحد، 10 فبراير 2019

تأصيل الذكر بالاسم المفرد الله

بسم الله الرحمن الرحيم

تأصيل  لذكر الله باسم الجلالة ( الله)  لغة وشرعا:(الحلقة: الأولى):

مقال منشور في مجاة أنصار الدين الصوفية العدد 3 (ربيع الأول : 1439 هـ)ص: 20 .

بقلم: محمد عبد الرحمن بن الشدو .


بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد النبي المصطفى  الكريم، وعلى آله وصحابته خيرة الأنيم،   وسلم أكمل التسليم، وشرف وعظم ومجد وسود وكرم أتم التكريم .وبعد:
فقد اعتنى  الصوفية  قديما وحديثا  باسم الجلالة (الله) ولهجوا بذكره ودعوا الله به ونالوا من نفحاته وفيوضاته ، وفهموا فيه ما رمز إليه ابن جزي في تفسيره بقوله : ثم إنّ ثمرة الذكر التي تجمع الأسماء والصفات مجممحمد عبد الرحمن بن الشدوعة في الذكر الفرد وهو قولنا:
الله، الله. فهذا هو الغاية وإليه المنتهى (1) .
وقول الجنيد رحمه الله : "ذاكر هذا الاسم ذاهب عن نفسه، متصل بربه، قائم بأداء حقه، ناظر إليه بقلبه، قد أحرقت أنوار الشهود صفات بشريته"(2).
  وقال الإمام زروق: "ولهذا اختاره المشايخ ورجحوه على سائر الأذكار، وجعلوا له خلوات، ووصلوا به إلى أعلى المقامات والولايات، وإن كان منهم من اختار في الابتداء لا إله إلا الله وفي الانتهاء الله الله"(3) .
 ومذهب أهل التصوف في الذكر باسم الجلالة   مبني على تعظيم معناه وحسن مبناه ويسر التلفظ به ، واعتباره جامعا لمعاني أسماء الله الحسنى جميعا ، وعملهم فيه موافق لمذهب فقهي شهير وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى  الذي يجيز الشروع في الصلاة بلفظ الجلالة وحده، كما هو مبسوط في أمهات كتب المذهب الحنفي(4)  .
قالوا : ودليل أبي حنيفة: أن النص معلول بمعنى التعظيم، وأنه يحصل بالاسم المجرد، والدليل عليه أنه يصير شارعًا بقوله: لا إله إلا الله، والشروع إنما يحصل بقوله: الله لا بالنفي(5)   اهـ.
ومما يشهد لقوة اختيار أهل التصوف :
• 1ــ  قول ابن الجوزي(6)   وأبي حيان الأندلسي اللغوي(7)  : {فادعوه بها}(8)  أي: نادوه بها،كقوله: يا الله، يا رحمن. و قول العز ابن عبد السلام : {فَادْعُوهُ بِهَا}(9) عظَّموه بها تعبداً له بذكرها،أو اطلبوا بها وسائلكم(10)  وقول القاضي ابن العربي المالكي والقرطبي المفسر : وإن دعوت بالاسم الأعظم قلت: يا الله،فهو متضمن لكل اسم(11).
وعلى ذلك فالقائل : الله الله يكرها إنما يدعوا الله ويناديه ويعظمه امتثالا لقوله تعالى : {فادعوه بها }(12)  طبقا لما فسره  به هؤلاء المفسرون.
فإن اعترض معترض بقاعدة النحويين التي تقول بأن اسم الجلالة لا يجوز حذف ياء النداء قبله ما لم تعوض بميم : "اللهم"  . قلنا قد أجاز  بعضهم(13)   نداءه غير متصل بها مستشهدا بقول أمية بن الصلت:
رضيت بك اللهم ربًّا فلن أرى ** أدين إلها غيرك اللهَ ثانيا

يتواصل إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)تفسيرابن جزي التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 102)
(2) ينقل حامد إبراهيم محمد صقر في كتابه نور التحقيق في صحة أعمال الطريق ، ص: 179-180.طبعة دار التاليف بمصر سنة 1970.
(3)ـ بنقل الغماري في: الإعلام بأن التصوف من شريعة الإسلام، ، ص: 57.. ط مكتبة القاهرة الطبعة الثالثة  2014.
(4) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 131) ، المبسوط للسرخسي (1/ 36).، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (1/ 293)، العناية شرح الهداية (1/ 284)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 51)، البناية شرح الهداية (2/ 175)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 65)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (1/ 480)،
(5) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 131).
(6) زاد المسير في علم التفسير (2/ 172)
(7) البحر المحيط في التفسير (5/ 231)
(8)[الأعراف: 180].
(9)ــ[الأعراف: 180].
(10)ــ تفسير العز بن عبد السلام (1/ 515)
(11)ــ أحكام القرآن لابن العربي (2/ 351)، تفسير القرطبي (7/ 327)
(12)ــ[الأعراف: 180].
 (13) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك (4/ 9) ، شرح التصريح على التوضيح أو
التصريح بمضمون التوضيح في النحو (2/ 208).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق