الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

رسالة من الشيخ أحمد التجاني إلى كافة من كان بفاس من الإخوان والفقراء

 إلى كافة من كان بفاس من الإخوان و الفقراء

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، يتراكم بدوام ملك الله من العبد الفقير إلى الله احمد بن محمد التجاني ، و بعد ، نسأل الله جلت قدرته و تعالت عظمته أن ينظر في جميعكم بعين المحبة و الرضا و العناية و إفاضة الفضل و الاصطفاء و الاجتباء حتى لا يدع لكم خيرا من خيرات الدين و الدنيا و الآخرة إلا أتاكم منه اكبر حظ و نصيب ، ولا يترك شرا من شرور الدين و الدنيا و الآخرة إلا أبعدكم عنه ووقاكم منه ، و حتى لا يترك لكم ذنبا كبيرا و لا
صغيرا إلا أغرقه في بحر عفوه و كرمه ، وحتى لا يترك لكم مطالبة بالذنوب إلا صفح عنها و عفا ، وحتى لا يترك لكم حاجة و لا مطلبا في غير معصية الله إلا أسرع لكم بإعطائه ، وأمدكم فيه بالمعونة و التأييد في إمضائه إن طابق سابق الحكم فان لم يطابق سابق الحكم فنسأل الله تعالى أن يعوض لكم في جميع ذلك ما هو خير منه و أعلى منه ، وحتى لا يترك لكم شرا من الشرور الواردة على أيدي الخلق إلا جعل بينكم و بينها جندا من سطوته و سلطانه إن لم تكن محتمة في سابق الحكم ، فإن كانت محتمة في سابق الحكم فنسأل الله أن يمدكم فيها بكمال اللطف و المعونة و التيسير و التسهيل حتى تنفصل عنكم و انتم في عافية .
و أوصيكم و إياي  بتقوى الله تعالى ، وارتقاب المؤاخذة منه في الذنوب ، فإن لكل ذنب مصيبتين لا يخلو العبد عنهما ، والمصيبة واحدة في الدنيا وواحدة في الآخرة ، فمصيبة الآخرة واقعة قطعا إلا أن تقابَل بالعفو منه سبحانه و تعالى ، و مصيبة الدنيا واقعة على كل من اقترف ذنبا إلا أن يدفعها وارد الهي بصدقة لمسكين ، أو صلة رحم بمال ، أو تنفيس عن مديون بقضاء الد ين عنه ، أو بعفوه عنه إن كان له ،و إلا فهي واقعة فالحذر الحذر من مخالفة أمر الله و إن وقعت مخالفة و العبد غير معصوم ، فالمبادرة بالتوبة و الرجوع إلى الله و إن لم يكن ذلك عاجلا ، فليعلم العبد انه ساقط في عين الحق متعرض لغضبه إلا أن يمن عليه بعفوه ، و يستديم في قلبه أنه مستوجب لهذا من الله ، فيستديم بذلك انكسار قلبه و انحطاط رتبته في نفسه دون تعذر, فما دام العبد على هذا فهو على سبيل خير ، و إياكم و العياذ بالله من لباس حلة الأمان من مكر الله في مقارفة الذنوب باعتقاد العبد انه آمن من مؤاخذة الله له في ذلك ، فإن من وقف هذا الموقف بين يدي الحق تعالى، و دام عليه فهو دليل على انه يموت كافرا و العياذ بالله تعالى، وما سمعتم من الخاصية التي في الورد فهي واقعة لا محالة  و إياكم و التفريط في الورد ولو مرة واحدة في الدهر و شرط الورد المحافظة على الصلوات في الجماعات و الأمور الشرعية ، و إياكم و لباس حلة الأمان من مكر الله في الذنوب فإنها عين الهلاك ، و ترك المقاطعة مع جميع الخلق و آكد من ذلك بينكم و بين الإخوان و زوروا في الله وواصلوا في الله و اطعموا في الله ما استطعتم في غير تعسير ولا كد .
و عليكم بالصبر في أمر الله فيما وقع من البلايا و  المحن ، فإن الدنيا دار الفتن و بلاياها كأمواج البحر ، و ما أنزل الله بني آدم في الدنيا إلا لمصادمة فتنها و بلاياها ، فلا مطمع لأحد من بني آدم في الخروج عن هذا ما دام في الدنيا و الصبر بحسب أحواله كل على قدر طاقته ووسعه، و اعلموا أن في نفوسكم سلوة إذا نزلت البلايا و المحن بأحدكم ، فليعلم أن لهذا خلقت الدنيا و لهذا بنيت ، و ما نزلها الآدمي إلا لهذا الأمر و كل الناس راكضون في هذا الميدان ، .
واعلموا أن الذنوب في هذا الزمان لا قدرة لأحد على الانفصال عنها فإنها تنصب على الناس كالمطر الغزير لكن أكثروا من مكفرات الذنوب، و آكد ذلك صلاة الفاتح لما أغلق فإنها لا تترك من الذنوب شاذة ولا فاذة و كصلاة التسبيح ,و مما هو في هذا المعنى يلازمه الإنسان كل يوم ثلاث مرات : اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ، و رحمتك أرجى عندي من عملي، و كذلك وظيفة اليوم و الليلة :  لا اله إلا الله و الله اكبر لا اله إلا الله وحده  لا اله إلا الله لا شريك له لا اله إلا الله له  له الملك و له الحمد لا اله إلا الله  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وكذلك دعاء السيفي لمن يقدر على حفظه ، وكذلك هذا الاستغفار : اللهم إني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه ، و أستغفرك لما وعدتك من نفسي ثم أخلفتك فيه ، و أستغفرك لما أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك ، وأستغفرك للنعم التي أنعمت علي فتقويت بها على معصيتك ، وأستغفرك الله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم عالم الغيب و الشهادة هو الرحمان الرحيم لكل ذنب أذنبته، و لكل معصية ارتكبتها ، و لكل ذنب أتيت به أحاط علم الله به . و كذلك دعاء : يا من اظهر الجميل و ستر القبيح ...الخ

  وفي الختام قال رضي الله عنه:
ابشروا أن كل من كان في محبتنا إلى أن مات عليها يبعث من الآمنين على أي حالة كان ما لم يلبس حلة الأمان من مكر الله ، و كذلك كل من اخذ وردنا يبعث من الآمنين ، و يدخل الجنة بغير حساب و لا عقاب هو ووالده و أزواجه و ذريته المنفصلة لا الحفدة بشرط الاعتقاد و عدم نكث المحبة ،وعدم الأمن من مكر الله كما قدمنا  و يكون في جوار النبي صلى الله عليه و سلم  في أعلى عليين ، ويكون من الآمنين في موته إلى دخول الجنة .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق