الاثنين، 26 نوفمبر 2012

صاحب الفيضة التجانية في رسالة نيامي: هذه هي الطريقة التجانية التي أعرفها



 
قدم مولانا شيخ الإسلام الشيخ الحاج إبراهيم نياس في رسالة وجهها عام 1974م للمسمى محمد عبد الله جارا مدير المدرسة الفرنسية العربية في نيامي شروحا وافية عن الطريقة التجانية كما عرفها وخبرها رضي الله عنه.

وقال "إن كنتم تعنون " بالطريقة " : الطريقة التجانية التي أعرفها فالجواب هو أنني – بحمد الله – لم ولن أتخلي عنها أبدا الآبدين، لأن الطريقة التجانية التي أعرفها إنما هي
الإذكار الثلاثة : الإستغفار ، والصلاة علي النبي .. وكلمة التوحيد : لا إله إلا الله ، يلتزمها المسلم إيماناً واحتساباً وعملاً بتعاليم الكتاب العزيز والسنَّة المطهّرة إذ في كلٍّ من هذه وذاك فيضٌ غدقٌ من التعليمات والتوجيهات بخصوص الاستغفار، والصلاة علي النبي المختار، وذكر الله في العشي والإبكار".


وهذا نص الرسالة:
    
                                           بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلي آله وصحابته أجمعين.

إلي الأستاذ الفاضل السيد/ محمد عبد الله جارا مدير المدرسة الفرنسية العربية في نيامي – حفظكم الله بالإيمان ،

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

وبعد: فقد وصلني كتابكم الذي تقولون فيه إنكم قد سمعتم بأني قد تخليت عن الطريقة، واخترت طريق السنة وإنكم تريدون مني تبيين حقيقة الأمر ..

ولدي العزيز: إن كنتم تعنون " بالطريقة " : الطريقة التجانية التي أعرفها فالجواب هو أنني – بحمد الله – لم ولن أتخلي عنها أبدا الآبدين، لأن الطريقة التجانية التي أعرفها إنما هي الإذكار الثلاثة : الإستغفار ، والصلاة علي النبي .. وكلمة التوحيد : لا إله إلا الله ، يلتزمها المسلم إيماناً واحتساباً وعملاً بتعاليم الكتاب العزيز والسنَّة المطهّرة إذ في كلٍّ من هذه وذاك فيضٌ غدقٌ من التعليمات والتوجيهات بخصوص الاستغفار، والصلاة علي النبي المختار، وذكر الله في العشي والإبكار.

ومعاذ الله أن أتخلي عن هذا الخير المحض والنَّبع الطهور وإذا لقيتم يوماً إنساناً استحوذ عليه الشيطان اللعين فأنساه ذكر الله والصلاة علي رسول الله وأنساه الإخبات إلي الله بالاستغفار الدائم المتجدِّد فاعلموا أنه مُبتلىً محسورٌ محتاجٌ إلي دعاءٍ صالح: لأن الشيطان الذي انحرف به عن طريقة أهل الإيمان والعمل الصالح يوشك أن يخرج به عن دائرة الإسلام ويهوي به في مكان سحيق والعياذ بالله .

تلكم هي حقيقة هذا الأمر قد بيَّنتُها لكم وللسيد موسي شداد الذي وقع معكم رسالة الاستفسار.

هذا على فرض أنكما تريدان الاستفسار فعلا، وعلي وجه الجدِّ واحترام العلم الذي تنتميان إليه أو ينتمي إليه أحد كما علي الأقل .

وأما إذا كانت غاية رسالتكما إنما هي الاستفزاز والاستهزاء وإضاعة وقتكما ووقتي بالاشتغال بإملاء هذا الجواب فأسأل الله لكما الهداية والرشاد .

وأما المسلم الإفريقي الذي ذكرتم أنه يهتمُّ بالتفكير في موضوع التَّخلي عن طريقة الاستغفار، والصلاة علي النبي، والتخلي عن ذكر الله، فإنِّي لأسأل الله تعالي أن يهديه سواء السبيل وأن يعصمه من شياطين الإنس والجن ، وأن يشرح صدره وينير بصيرته حتي يعلم أن مشكلة إفريقيا ليست في وجود الملايين من مسلميها الذين إلتزموا الطريقة كما عرفت بها آنفا، لأن هذه الملايين المسلمة المؤمنة المنتسبة إلي الطريقة هم من خيرة أبناء افريقيا، وقد رأينا وجودهم الإيجابي في المساجد والجوامع وفي المزارع والمدارس والجامعات والأسواق والأحزاب السياسية والبرلمانات والحكومات والمحاكم والمصانع وفي سائر الميادين. ومن ظنَّ بهم السَّذاجة والطَّيشَ وظنَّ أنهم علي استعدادٍ للتَّخلِّي عن خيراتٍ تحقّقوها ويقينٍ تشرَّبتْهُ قلوبُهم، فأقلُّ ما يُقال فيه أنه لا يعرف المجتمع الإفريقي.

هذا، وأنا أرى أنَّ المسلم الإفريقي مدعوٌّ إلى أن يفكِّر في موضوعات ذات أهميَّة ملموسة: فأمامه مشاكل معقدة في ميادين الفكر والثقافة، والاجتماع والاقتصاد والسياسة والمسلم الإفريقي مدعوٌّ إلى أن يخوض معارك الجهاد الأكبر لوقاية نفسه وأهله من النار، وليستمر تقدّمه الروحي، وليزداد إيماناً مع إيمانه، وعليه أن يقوم بالدعوة إلي سبيل ربه ( بالحكمة والموعظة الحسنة ) ليهدي الله به من حوله من الوثنيين ومن تخطَّفهم المبشِّرون المسيحيُّون من الأفارقة بل ومن غيرهم وليهدي الله به الشاردين أبناء المسلمين الذين هجروا المساجد ومدارس العلم وانجرفوا مع تيار الظلام الوافد من أوربا وأمريكا بأشكاله المتعدِّدة وتخطيطه المحكم الخدَّاع، وأمام المسلم الإفريقي مشاكل في محيط الدعوة الإسلامية بالذات لوجود بعض الدعاة الجاهلين المتشبِّعين بما لم يُعْطَوْا، وبعض العلماء الدُّعاة الذين يجرِّؤُون العامة علي التطاول علي تراث الأمة، وعلى صُلحاء الأمة، وعلى أئمة العلم قديماً وحديثاً ويدربونهم علي سوء الظن، وعلى الشك السَّلبي المزلزل للأركان ...

أجل ! إن أمام المسلم الأفريقي مجالا واسعاً للتفكير وللعمل فاجتهدوا في نطاق مدرستكم حتي يكون خريجوها جادِّين في تفكيرهم، بُصراء بأمورهم، مخلصين لله دينَهم، يحبُّون أهل الإيمان ويُوالونهم بالصدق والتعاون علي البر والتقوي، وإن استطاعوا المقاومة فإن أعداء الأسلام من المغضوب عليهم، ومن الضالين ومن الماركسيين اللينينيين، والوجوديين والبهائيين والقاديانيين ومن لفَّ لفهم أقول: إن هؤلاء يمثلون في كل مكان في إفريقيا تحدياً سافراً. فهل من مدَّكر ؟ "

                                                                                     

والسلام

                                                     إبراهيم نياس الكولخي   

                                                رئيس الاتحاد الإسلامي الإفريقي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق